الحاكم (بين اهل الرأي و النصية و المتوسطية)

 

 الحاكم

(بين اهل الرأي و النصية و المتوسطية)


بخاري التونسي

(خريج معهد "الروضة العلمية" كرطوسونو, جاوى الشرقية)

 

الحاكم اسم الفاعل من الفعل الماضي "حكم". و ايتمولوجيا "الحاكم" هو واضع الحكم اوهو ثابت الحكم. هو صادر الحكم وحده الذي كلفه على المكلف.

في نظرية الكلاسيكية الاسلاميىة, الله هو مصدر الحكم وحدة, كل الاختيار لانتاج الحكم الجديد, انما هو لرمز ارادة الالهي. وحكم الله انزل بوسيطة الوحي, يعرف به حكم الحسن والقبح, الثواب والعقاب.

هل الوحي مصدر الحكم وحده لا غيره؟ كيف بالعقل الذي وهب الله قوة روحية كبيرة في نفس الانسان, هل يستطيع العقل ادراك الحسن والقبح؟

ان بالوحي الحسن و القبح, الحق والباطل فصلا مبينا بالبعثة رسله. فكيف قبل البعثة الرسل؟

لاخلاف بين الاصوليين للحكم بعد البعثة الرسل و بلوغ الدعوة, ان للمكلف حكم.

اختلف علماء الاصول في معرفة الحكم قبل البعثة؟ ام ليست معرفة الحكم الا بالبعثة ام يعرف العقل الحكم (الحسن و القبيح)؟

هذه المشكلة من المسائل سبيكولتفية الدينية. هذه وردت من قول الله تعالى,"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا." (الاسراء: 15). وفي الاخرى يقول الله ايضا متعرضة بهذا القول, لان الله قد بعث على كل امم رسول. كما قال الله تعالى, "ولكل امة رسول ..." (يونس: 47)

وقوله,"ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ..." (النحل: 36).

ولكن ليس كل رسل ذكر الله اسماءهم في صحف او كتب التي انزل الله على رسله كما قال الله تعالى, "ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك" (النساء: 164).

 فعلماء الاصول على مذاهب, منها: اهل الرأي والنصية و المتوسطية.

قول اهل الرأي

قالت المعتزلة[1] من اهل الرأي, أن قبل البعثة يتعلق للمكلف حكم بما ادركه العقل فيه حسنا او قبيحا لذاته او لصفته. فيجب للمكلف ان يعمل الحسن الذي يعلمه و يترك القبح الذي يعلمه. والله يثاب و يعاقب بما ادركه العقل من الحسن والقبح.

رأت المعتزلة ان العقل يدرك الحسن والقبح. يدرك اما بضرور العقل و اما بنظر العقل. للحسن مدح للعقل و للقبيح ذم للعقل. فالعقل يدافع على ان يؤد المكلف ما يواصل الى المدح و يجتنبه ما يواصل الى الذم. يثاب على الفعل الحسن و يعاقب على الفعل القبح. الثواب والعقاب يقدر بقدر ما يليق له العقل.

العقل عند المعتزلة يستطيع انتاج الحكم. يدرك العقل كون الفعل الحسن متعلقا بالثواب, وكون الفعل القبح متعلقا بالعقاب.

اصل هذا الرأي ان المعتزلة رأى ان الانسان استطاع ايجاد أفعاله ليس بمجبر على ايجاده. هذا الرأي اسس على "عدالة الالهي" ان الله لا عدالة له ان كان يثاب و يعاقب على فعل العبد الذي فعله بمجبر, فله العدالة ان كان للعبد حرية على افعاله, يثاب على فعله و يعاقب على تركه او مخالفته ان كان من المنهيات.   

في نفس الانسان قوة الروحية العقلية في معرفة الحسن الذي لا بد له ان يفعله و القبح الذي لابد له ان يتركه. فالوحي ايجاب على العقل.

العادة المحكمة التي سارت على الطائفة و القبائل والشعوب صدرت من اجتهاد العقل الصافي, ثم اتفقت الطائفة و الشعبة و القبيلة و جماعة من الناس ان يتخذوا ما وافقواه في الاجتماعي حكما. للعادة لها حكم الثواب و العقاب على من فعله و انكره.   

قول النصية

قالت الأشاعرة انما يدرك الحكم بالوحي الذي فيه الشرع. لا يتعلق للملكف حكم بأفعال المكلفين. الحسن والقبح انما يعرف بالوحي. الثواب و العقاب يثبت بالوحي. لا شرعا الا بالوحي ولا حكما الا بالوحي. هذا القول مأخوذ من قول تعالى, "ان الحكم الا لله" وقوله "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا." وقوله, "ولو انا اهلكنهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا ارسلت الينا رسولا فنتبع اياتك من قبل ان نذل ونخزى" (طه: 134).

 اذا قدر العقل ان الفعل حسن, فليس بحسن اذ لم يشهد له الشرع حسنا. و فعله لم يتعلق بالثواب. وكذلك لو ان الشيئ قدره العقل قبحا, لم يشهده الشرع حراما فليس بحرام, ولم يتعلق بفعله عقاب. انما الثواب والعقاب يتعلقان بالحكم الشرعي.

العقل عند الأشاعرة لايقدر ان يدرك الحسن و القبح, كون الحسن والقبح لكون الأمر او النهي من الوحي. كون الصلاة والصوم وغيره حسنا لكون الأمر من الوحي انه حسنز وكون الزنا والسرق والقتل قبحا لكون الوحي انه قبيح ونهاه الحاكم هو الله.

هو الله المطلق لا حد له, هو الخالق حسن و قبح, بأوامره كان الاشياء حسنا وبنواهيه كان الاشياء قبيحا. قالت الاشاعرة, "لو كان العقل يدرك الحسن والقبح, لوجد تنوع الحسن والقبح لكون تنوع قوة العقل في تقدير قيمة الحسن والقبح. حسن عند المرء قبح عند الاخر, من المرء الواحد كان الشيئ حسنا و حين الاخر كان قبيحا من تأثير الهوى و تنمية النفس التي تؤثها."

قال الغزالي,"لايدرك العقل حسنا وقبح حتى لايثبت الحكم, وانما الحكم من خطاب الله تعالى."

 وجمهورعلماء اصول الفقه وافقوا ان الله هو الحاكم الحقيقي ليس غيره. سواءا كان هو حكم التكليفية ام هو حكم الوضعية. كما قال الله تعالى,"ان الحكم الا لله يقض الحق وهو خير الفاصلين." (الانعام: 57).

ومعرفة احكام الله بالوحي الذي انزله الله على رسله. والرسول هو الذي يبلغ ما شرعه الله على الناس المكلف, والمجتهد يستنبط و يستخراج احكام الشرعية بتنويع الطريقة و المناهج بالقواعد والاصول التي وضعها علم الاصول الفقه.   

والله هو الشارع الذي يصدر الشريعة التي يكلفها على المكلف بواسطة رسله. هو صادر الشرع.

قال  ,"ان العقل ليس حاكما, والثواب والعقاب انما يتعلقان بالحكم الشرعي." ولذلك, اذا قدر العقل في الفعل المعين نفعا, لا يشهد له الشرع لم يتعلق بذلك الفعل ثواب. واذا قدر فيه ضرارا, اذا لم يشهد الشرع بتحريمه, لم يتعلق بفعله عقاب.

من اللوازم هذا القول منها:

أ-الرسول ص. ليس بحاكم

الرسول مبلغ احكام الله تعالى, هو ليس مشرعا الحكم. وانما هو مبلغ و ناقل و مبين للتشريع. كما قال الله تعالى, "ان عليك البلاغ." (الشورى: 48), "وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم." (النحل: 44) 

من تلك الايات, ان الحكم لله, وليس لغير الله حكم.

والرسول تطبق حكم الله على الناس, ويبين انطباقه على الوقائع المفردة و يلزم به. ويؤيد هذا الفهم بقول الله تعالى,"وان احكم بينهم بما انزل الله ..." (المائدة: 49). وكانت سنة الرسول دليلا شرعيا لا من حيث انها صادرة عن النبي ص. لذاته, بل من حيث انها دالة على احكام الله تعالى.

ولو كان قائل ان الرسول ص. قد حكم من عند نفسه في امور مختلفة, يقول هو "تفويض من الله"

قال, هو من مسألة التفويض, الذي فوض الله على رسوله بما هو على كل ما قاله الرسول هو من عند الله و ليس بقول نفسه. كما قال الله تعالى, "وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى." (النجم: 3-4)

وقال الاخر, هو من مسألة "اجتهاد الرسول". الاجتهاد بمعنى البحث والتحري عن حكم الله تعالى في تلك المسألة, فلا يحكم من عند نفسه, ولا منتج من نفسه. هذا من تطبيق حكم الله.

ب- الاجماع ليس حاكما غير الله

اذا اجتمعت الامة على امر ليس معناه جعلته شرعا, بل معناه اذا اجتمعت على امر, فذلك امارة على ان حكم الله في تلك المسألة هو ما اجمعوا عليه. هذا مثل القياس و الاستصلاح والاستحسان وغيره.

ج- المجتهد ليس بحاكم

اذا استنبط المجتهد حكما في مسألة الاجتهادية, فهو ليس بحاكم. انما يستخرج من حكم الله الذي شرعه في الكتاب. هذا معنى قول الله تعالى,"ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال و هذا حرام لتفتروا على الله الكذب ..." (النحل: 116) انه يستنبط و يستفيد من قول الله انه حرم و احل. وكما قول الله تعالى, "قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ..." (الاعراف: 33). فان لم يجد دليلا صريحا, يقول, "هذا رأيي" ولا ينسبه الى الشرع.

قول المتوسطية

قالت المتوردية, يدرك العقل حسنا وقبحا ولكن لا يلزم العقل يدرك أن فاعل الحسن له الثواب و فاعل القبح له العقاب بقدر خاص. الثواب والعقاب, الاجر والذنب يعرف بالوحي. فالتزامه لا ايجاب الشرعية على الانسان حتى جاء الرسل بالوحي الذي انزله الله. ان حكم الثواب والعقاب يثبت بالوحي لا بالعقل. لا حكما قبل البعثة.  

قال الشوكاني, "وبالجملة فالكلام في هذا لبحث يطول, وانكار مجرد ادراك العقل لكون الفعل حسنا او قبيحا مكابرة و مبههتة. واما ادراكه لكون ذلك الفعل الحسن متعلقا للثواب وكون ذلك الفعل القبيح متعلقا للعقاب فغير مسلم وغاية ما تدركه العقول ان هذا الفعل يمدح فاعله, وهذا الفعل القبيح يذم فاعله, ولا تلازم بين هذا و بين كونه متعلقا للثواب والعقاب." (ارشاد الفخول 1: 69).

بهذا القول, كان الشوكاني يوافق القول ان العقل ادراك الحسن و القبح, من فعل الحسن له مدح, ومن فعل القبح له الذم. لكن ان له التزام الثواب والعقاب في الاخرة فوجب عليه الوحي.

قال السيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار ج. الثامن في صفحة 46,

"ونزاعهم الطويل العريض في مسألة الحسن والقبح والتحسين والتقبيح مبني على ذلك, فالغلاة في اثباتها قالوا ان في كل فعل يقع التكليف به فعلا او تركا حسنا او قبحا ذاتيا, يعرف بالعقل ويأتي الشرع بالامر كاشفا لحسن المأمور به وبالنهي كاشفا لقبح المنهي عنه. ... والغلاة في نفيها قالوا لا حسن ولا قبح ذاتيا في شيئ من الاشياء يكون مناط التكليف و سببه و سبب ما يترتب عليه من الثواب والعقاب وانما ذلك بالشرع وحده. فالعدل والصدق والصلاة والصيام لا حسن فيها لذاتها بل امر بها هو الذي جعلها حسنة, وكذلك الظلم والكذب والسكر لا قبح فيها لذاتها, ... بل عرف قبحها بالشرع. وانه يجوز ان يأمر الرب بما نهى عنه و ينهى عما أمر به. ... لكان الجور والكذب حسنا والعدل والصدق قبيحا...

والقول الاول الى المعقول والمنقول, ولكن وقع كثير من القائلين به في الافراط و الغلو. "  

 الثواب لفاعل الحسن و تارك القبح بما ادركه العقل. والله لا يمكن ان يستوي فاعل الحسن و فاعل القبح. هذا مثل قول تعالى,"أم نجعل الذين امنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض, أم نجعل المتقين كالفجار؟" (ص: 27-28). 

 والذين لم يبلغ اليهم الرسل, والله يثاب على فعل الذي ادركه العقل حسنا و عاقبه على فعل الذي ادركه العقل قبيحا. واما اوامر الخاصة مثل الصلوات لها بالوحي.  



.  من احد المذاهب الكلام في الاسلام. قل ... من اهل الرأي. نشأ المعتزلة في البصرة, حين خرج وصيل ابن عطاء من مجلس العلم الامام الحسن البصري. حين خالف وصيل ابن عطاء الامام حسن البصري عن موقف الفاسق. ثم ذكر الاخرون "المعتزلي" لعزله و خروجه من مجلس الامام حسن البصري    المعتزلة  [1]

Komentar

Postingan populer dari blog ini

TIGA SYARAT TERKABULNYA DOA

24 Siswa MA YTP Kertosono diterima Berbagai PTN lndonesia Jalur SNBT, dan Jalur lainnya

Rukhsah Teologis dan Rukhsah Fiqhi